«الوطني»: 60.7 مليار دولار إصدارات السندات الخليجية في 2022

607 مليارات دولار أدوات الدين مستحقة السداد على دول التعاون بنهاية العام الماضي

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن عائدات السندات السيادية ارتفعت بشكل كبير في أكتوبر 2022 قبل أن تتراجع في وقت لاحق بعد إشارة بعض التوقعات إلى اعتدال وتيرة التضخم، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، فقد أدى استمرار تبني البنوك المركزية لنبرة متشددة إلى ارتفاع عائدات السندات في النصف الثاني من ديسمبر.

وتفوقت السندات السيادية الخليجية متوسطة الأجل على نظيراتها العالمية، إذ أنهت تداولات الربع الأخير من 2022 بأداء أفضل وتراجعت عائداتها على أساس ربع سنوي.

من جهة أخرى، أشارت أحدث بيانات التضخم الصادرة عن معظم الاقتصادات إلى أن أسوأ مرحلة من ارتفاع أسعار المستهلكين قد مرت على الأرجح، على الرغم من أن الأسعار ما زالت أكثر ارتفاعا مقارنة بما قبل عام 2022.

وأشار التقرير إلى أنه يبدو أن زخم الأسعار بدأ يتحول من السلع (مثل الطاقة) إلى الخدمات، ما قد يسهم في الحفاظ على معدل التضخم الأساسي مرتفعا نسبيا خلال الأشهر المقبلة، واتجهت البنوك المركزية العالمية الرئيسية في ديسمبر إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس فقط، في أعقاب الزيادات الكبيرة التي طبقتها في وقت سابق من العام.

وقد نشهد المزيد من رفع أسعار الفائدة بالنصف الأول من 2023، نظرا لارتفاع أسعار المستهلكين وتشديد أوضاع سوق العمل، ما قد يبقي على ارتفاع عائدات السندات من منظور تاريخي. وفي المقابل، فإن أي تحول محوري في السياسات النقدية بما يدعم خفض أسعار الفائدة خلال الجزء الأخير من عام 2023 قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السندات وبالتالي انخفاض العائدات.

السندات الخليجية

وقال تقرير الوطني إن إصدارات أدوات الدين المحلية وسندات اليوروبوند (المقومة بالدولار الأميركي) عكست اتجاهها الهبوطي، إذ ارتفعت إلى 15.9 مليار دولار في الربع الرابع من عام 2022 مقابل 11.8 مليار دولار في الربع الثالث و14.7 مليار دولار في الربع الثاني، و18.3 بالربع الأول من العام، ليبلغ إجمالي الإصدارات خلال العام الماضي 60.7 مليار دولار.

وقد بلغت قيمة أدوات الدين مستحقة السداد على دول مجلس التعاون الخليجي 607 مليارات دولار بنهاية الربع الرابع من عام 2022، بارتفاع هامشي مقارنة بالربع الثالث من عام 2022، وخلال معظم عام 2022، انخفض عدد الإصدارات الجديدة نتيجة لارتفاع تكاليف خدمة الدين، وتراجع الاحتياجات التمويلية لسداد عجز الموازنة نظرا لارتفاع أسعار النفط، والالتزام بالإصلاحات المالية متوسطة الأجل، إلا أن تزايد الإصدارات الجديدة في الربع الرابع من عام 2022، خاصة في السعودية، قد يعزى لرغبة الحكومة في الحفاظ على هامش الفروق مع سندات الخزانة الأميركية في حدود ضيقة نظرا لاستفادة الدول الخليجية من ارتفاع العائدات النفطية وتحسن الأوضاع المالية.

واستحوذت الإصدارات السيادية من السعودية والإمارات على النصيب الأكبر من إصدارات الربع الرابع من عام 2022. وجمعت الحكومة السعودية 5 مليارات دولار من خلال أول برنامج سندات متوسطة الأجل باليورو تصدره منذ عام تقريبا والمنقسم إلى شريحتين بقيمة 2.5 مليار دولار لكلا منهما.

وبالإضافة إلى ذلك، واصلت الحكومة السعودية برنامجها لإصدار الصكوك المحلية، إذ قامت بإصدار صكوك جديدة بقيمة 3.3 مليارات دولار مقابل 2.1 مليار دولار في الربع السابق. كما جمع صندوق الاستثمارات العامة السعودي 3 مليارات دولار من خلال بيع سندات خضراء على ثلاث شرائح.

أما في أبوظبي، فقد جمعت مبادلة مليار دولار من سندات فورموزا. وعلى صعيد إبراز إصدارات الشركات الكبرى، أتم البنك الأهلي الكويتي، بالتعاون مع شركته التابعة التي تتخذ من دبي مقرا لها، بنجاح صفقة تسهيلات قرض لأجل لمدة 37 شهرا بقيمة 825 مليون دولار. وبالنسبة للإصدارات السيادية للكويت، فمن المرجح أن تواصل أداءها الضعيف نظرا لعدم إقرار قانون الدين العام الجديد، والذي سيفسح المجال للاستفادة من أسواق الدين الدولية والمحلية.

وساهم ارتفاع أسعار النفط هذا العام في تعزيز المركز المالي للحكومات الخليجية، ما أدى بدوره إلى تمكنها من تقليص الهوامش بين السندات السيادية الخليجية وسندات الخزانة الأميركية، على الرغم من انخفاض الاحتياجات التمويلية.

تحسن توقعات التضخم

ذكر تقرير الوطني أن معدلات التضخم الكلي في العديد من الاقتصادات المتقدمة بدأت في الانحسار من أعلى مستوياتها المسجلة في عقد من الزمن في وقت سابق من العام الماضي وسط ضعف أسعار الطاقة. كما كشفت بيانات التضخم الأساسية عن علامات مبكرة على التراجع، وإن كانت عند مستويات لا تزال مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة.

وأدى ذلك إلى دفع البنوك المركزية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، إلى التوجه إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في ديسمبر، ليصل بذلك معدل الزيادة التراكمية في المعدل المستهدف الاحتياطي الفيدرالي في عام 2022 إلى 4.25%.

وتشير خارطة نقاط تصويت الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة، والتي تتم مراقبتها عن كثب، إلى إمكانية رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس إضافية خلال عام 2023. كما أقر البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا ارتفاعات مماثلة بمعدلات أقل بمقدار 50 نقطة أساس لكل منهما في ديسمبر، بعد رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في الاجتماعات السابقة.

وتراجعت عائدات السندات خلال الربع الرابع من عام 2022 مقارنة بأعلى مستوياتها المسجلة في عدة سنوات في أكتوبر، إلا أن السندات المعيارية تخلت عن مكاسبها (باستثناء السندات السيادية البريطانية) في أواخر ديسمبر، بعد التصريحات المتشددة للبنوك المركزية، وأنهت عائدات السندات الربع الأخير من العام مسجلة نموا صافيا على أساس ربع سنوي.

وخلال الربع الأخير من العام، ارتفعت عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 45 نقطة أساس على أساس ربع سنوي، إذ تمسك رئيس البنك المركزي الأوروبي بموقفه المتشدد وتوقع إقرار جولتين مماثلتين لرفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال النصف الأول من عام 2023. وفي اليابان، سمح بنك اليابان بشكل غير متوقع بتوسيع نطاق تداول عائدات السندات الحكومية اليابانية بمقدار 50 نقطة أساس في أي من الاتجاهين من مستوى 0% المستهدف.

وتواصل آفاق النمو الاقتصادي وسياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات التضخم التأثير على ديناميكيات سوق السندات. وعزز استمرار ضيق سوق العمل الآمال في تحقيق الاقتصاد الأميركي لتراجع أقل حدة مما كان متصورا في السابق.

وإذا استمرت اتجاهات سوق العمل دون تغيير، فإن تزايد التوجه لفئات الأصول مرتفعة المخاطر، بما في ذلك الأسهم، قد يضع بعض الضغوط الهبوطية على أسعار السندات السيادية. كما قد تؤدي الفجوة المستمرة في مسار التضخم على المديين القريب والمتوسط وتحديد البنوك المركزية للمستوى المستهدف للتضخم البالغ 2% في الحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة، ما يؤدي بدوره إلى تعزيز العائدات ودفعها للارتفاع.

من جهة أخرى، فإن التباطؤ الحاد لمعدلات التضخم بسبب الضعف الاقتصادي المفاجئ، واعتماد البنوك المركزية العالمية لنهج أقل تشددا، قد يؤدي لارتفاع أسعار السندات. إضافة لذلك، فإن أي تراجع جوهري إضافي لسعر الدولار الأميركي سيكون أيضا من العوامل الداعمة لأسعار السندات في الأسواق الأخرى، بما في ذلك أوروبا.

وفي ذات الوقت، يسعى الاحتياطي الفيدرالي حاليا لتطبيق «سياسات التشديد الكمي السلبي» من خلال تخلص ميزانياته من سندات الخزانة الأميركية المستحقة السداد والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بقيمة 60 مليار دولار و35 مليار دولار شهريا، على التوالي، وهو الأمر الذي قد يعزز الضغوط التضخمية حتى مع ثبات المتغيرات الأخرى. علما أن تغيير تلك الحدود أو الإعلان عن المزيد من التدابير المتشددة سيؤثر على سوق السندات.

جريدة الانباء