«الوطني»: ميزانية 2023/2024 قد تحقق فائضاً بـ 600 مليون دينار
وفقاً لتوقعات ارتفاع النفط.. وفي ظل التوجهات التاريخية للحكومة بعدم إنفاق كامل مخصصات الموازنة
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إن المؤشرات الاقتصادية بالكويت سجلت أداء قويا في الربع الرابع من 2022، في ظل تحسن الإنفاق الاستهلاكي والطلب على الائتمان، في حين حافظ النشاط العقاري على أداء جيد، وذلك وسط تصاعد الرياح المعاكسة للاقتصاد العالمي وتشديد الأوضاع النقدية.
كما اعتدلت وتيرة النمو لبعض المؤشرات مع بداية الربع الرابع من 2022 بعد تسارع وتيرة هذه الأنشطة في الفترات السابقة، وذلك على خلفية مزيج من العوامل التي تضمنت تلاشي الطلب المكبوت بعد الجائحة وتأثيرات قاعدة الأساس. كما تباطأ معدل التضخم الكلي، الذي أنهى العام عند مستوى 3.2% مقابل 4.7% في أبريل.
وتمكنت أسعار النفط من عكس بعض التراجعات التي شهدتها في وقت سابق والتي كانت مرتبطة بالمخاوف المتعلقة بالركود العالمي وعادت لتسجل مكاسب سنوية بأكثر من 10% (مزيج خام برنت) في نهاية ديسمبر.
من جهة أخرى، كشفت الحكومة عن مسودة موازنة توسعية للسنة المالية المقبلة (2023/2024)، والتي تضمنت زيادة في النفقات لمستويات قياسية، وسيدعم الموقف المالي المقترح الاستهلاك والنشاط الاقتصادي في 2023، وإن لم يتضمن إجراءات كافية لتعزيز الاستدامة المالية على المدى المتوسط.
مستويات إنفاق قياسية
وذكر التقرير أن الحكومة أصدرت مسودة الموازنة الأولية للسنة المالية 2023/2024، والتي تقدر تسجيل عجز مالي للمرة الثانية على التوالي يبلغ 6.8 مليارات دينار (13% من الناتج المحلي الإجمالي)، نتيجة لارتفاع مخصصات النفقات البالغة 26.3 مليار دينار (+11.7% مقارنة بالموازنة السابقة) ووصول الإيرادات إلى 19.5 مليار دينار (-16.9% مقارنة بالموازنة السابقة).
وتشير الترجيحات إلى أن الموازنة قد تحقق فائضا صغيرا بنهاية المطاف، يصل الى نحو 600 مليون دينار (1.2% من الناتج المحلي الإجمالي)، وذلك وفقا للتوقعات التي تشير الى ارتفاع النفط، وبالتالي العائدات النفطية المحققة مقارنة بالمستويات المدرجة ضمن الموازنة (90 دولارا للبرميل مقابل 70 دولارا للبرميل) وباعتبار أيضا التوجهات التاريخية للحكومة والتي تتمثل في عدم إنفاق كامل مخصصات الموازنة (90-95% من الموازنة).
وعلى الرغم من أن الارتفاع المتوقع للنفقات الحكومية سيدعم الطلب على المدى القريب، إلا أنه يضيف أيضا إلى ضغوط الاستدامة المالية على المدى الطويل، خاصة في سياق استمرار الاعتماد المفرط على العائدات النفطية المتقلبة (88% من إجمالي الإيرادات)، وتدفقات الإيرادات غير النفطية المحدودة، واستهداف مستويات منخفضة من الإنفاق الرأسمالي، وتباطؤ وتيرة الإصلاحات بسبب الجمود التشريعي. وبالنظر الى الوضع الحالي، فقد تمر بضعة أشهر قبل إقرار البرلمان للموازنة، مما قد يؤجل انتعاش الاقتصاد الناجم عن زيادة النفقات حتى وقت لاحق من العام الحالي.
قوة النشاط الاستهلاكي
وأشار تقرير «الوطني» إلى أنه وفقا لمعاملات البطاقات المصرفية، كان الإنفاق الاستهلاكي قويا في الربع الرابع من 2022، إذ ارتفع بنسبة 16% على أساس سنوي (+4.7% على أساس ربع سنوي)، مما ساهم في تعزيز النشاط غير النفطي خلال هذا الربع على خلفية قوة الدعم المالي الحكومي وسط ارتفاع أسعار النفط.
إلا أن وتيرة النمو واصلت التباطؤ من 17% على أساس سنوي في الربع السابق (ومعدلات الذروة البالغة 31% المسجلة في الربع الأول من 2022)، في ظل عودة الأوضاع لمستوياتها الطبيعية بما في ذلك الطلب المكبوت بعد الجائحة ونمو سوق العمل والأجور ومعنويات المستهلكين.
وقد يكون ارتفاع تكاليف القروض، نظرا لارتفاع أسعار الفائدة العالمية والمحلية، أحد المتغيرات التي أثرت على المقترضين المحتملين. وارتفع إجمالي الإنفاق في عام 2022 بنسبة 22% على أساس سنوي، ومن المتوقع أن يشهد العام الحالي استمرار تباطؤ نمو الإنفاق، إلا أن الموازنة الحكومية التوسعية التي تم الإعلان عنها مؤخرا قد تدعم الإنفاق.
ارتفاع وتيرة اسناد المشاريع
انتعشت أنشطة المشاريع في الربع الرابع من عام 2022 بعد الأداء الضعيف الذي شهدته في الربع الثالث من عام 2022، إذ ارتفعت قيمة العقود المسندة بأكثر من 6 أضعاف لتصل إلى 383 مليون دينار بفضل مشاريع القطاع النفطي. إلا أن الإجمالي السنوي بلغ نحو 832 دينار (-47% على أساس سنوي)، فيما يعد أدنى المستويات المسجلة منذ عام 2005.
وقد يكون ذلك انعكاسا للتأخيرات التشريعية، وارتفاع تكاليف مشتريات المواد الخام، واستمرار نقص العمالة بعد الجائحة. ووفقا لمجلة MEED، تشير التوقعات المستقبلية لسوق المشاريع في عام 2023 إلى مستويات أفضل قد تصل إلى 4.2 مليارات دينار، مع توقع تقديم العطاءات الخاصة بمشروع محطة الزور للطاقة لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه (1.2 مليار دينار) التابع لهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومشروع إعادة الغطاء النباتي الذي سيتم تنفيذه في المنطقة الواقعة في مناطق شمال وجنوب الكويت التابع لشركة نفط الكويت (1.0 مليار دينار). إلا أنه من المرجح أن تؤدي استقالة الحكومة إلى تأخير الموافقات اللازمة لتنفيذ تلك المشاريع.
استقرار معدلات التضخم
جاء تضخم أسعار المستهلكين مستقرا في الربع الرابع من عام 2022، إذ لم تتغير قراءة شهر ديسمبر وبقيت عند مستوى 3.2% على أساس سنوي مقارنة بالمعدل المسجل بنهاية سبتمبر. ويبدو أن ضغوط الأسعار للفئة الفرعية الخاصة بالمواد الغذائية والمشروبات بدأت بالتزايد مرة أخرى، إذ ارتفعت بنسبة 7.5% على أساس سنوي في ديسمبر مقابل 6.5% في سبتمبر، نتيجة زيادة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية (+25% على أساس سنوي).
وفي المقابل، تراجع تضخم فئة السكن (الإيجارات بصفة رئيسية) إلى 1.4% في ديسمبر مقابل 2.2% بنهاية الربع الثالث من 2022، وارتفع معدل التضخم الأساسي (الذي يستثني المواد الغذائية والسكن) إلى 2.8% في ديسمبر (2.7% في سبتمبر) على خلفية ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق وبعض العناصر الفرعية المتنوعة (بما في ذلك خدمات العناية الشخصية والمجوهرات).
وبالنسبة لعام 2022 ككل، وصل معدل التضخم إلى 4% مقابل 3.4% في عام 2021 على خلفية الطلب المكبوت، وارتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية، واختناقات سلاسل التوريد العالمية. كما لعبت ضغوط الأسعار المحلية دورا هي الأخرى، خاصة في فئة التعليم (+12% على أساس سنوي).
ومن المتوقع أن تتباطأ وتيرة التضخم لتصل إلى 2.8% في عام 2023، على الرغم من انه بالنظر إلى قراءة مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يناير والتي أظهرت نمو المعدل الكلي هامشيا إلى 3.3% على أساس سنوي، مما قد يدل على أن استمرار التضخم لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق. إلا أنه من المرجح أن يكون المسار هبوطيا وسط تقلص اختناقات العرض، وتراجع أوضاع الاقتصاد الكلي، وتشديد السياسات النقدية، وإن كان بوتيرة أبطأ.
439 ألف موظف كويتي في سوق العمل
قال تقرير بنك الكويت الوطني إن الدلائل تشير إلى أن سوق العمل قد بدأ يتعافى بعد صدمة الجائحة، مع ارتفاع كل من التعداد السكاني ومعدلات التوظيف مرة أخرى. وكشفت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء ونظام معلومات سوق العمل عن ارتفاع معدل نمو العمالة الإجمالية (باستثناء العمالة المنزلية) بما نسبته 3.8% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022 مع عودة العمالة الوافدة مرة أخرى للبلاد، على الرغم من أن الحفاظ على هذا المعدل قد يتطلب زيادة في أنشطة المشاريع.
وفي الوقت ذاته، ارتفع معدل توظيف المواطنين الكويتيين بما نسبته 3.4% على أساس سنوي ليصل إلى نحو 439 ألف وظيفة في الربع الثالث من 2022، بدعم رئيسي من تعيينات القطاع العام. وقد يشهد عام 2023 المزيد من النمو في ضوء مسودة الموازنة للسنة المالية 2023 /2024 والتي خصصت نفقات تغطي نحو21 ألف وظيفة جديدة للمواطنين الكويتيين.
«الفيدرالي» سيرفع الفائدة 75 نقطة بالنصف الأول من 2023
ذكر «الوطني» أنه بنهاية الربع الأخير من 2022، رفع بنك الكويت المركزي سعر الخصم بمقدار 50 نقطة أساس ليصل إلى 3.5% (وبمقدار 50 نقطة أساس أخرى ليصل إلى 4.0% في يناير 2023)، لينهي بذلك عاما من رفع أسعار الفائدة بوتيرة تدريجية إلى حد كبير منذ أن بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي دورة تشديد أسعار الفائدة الحالية في مارس من عام 2022.
وعلى مدار عام 2022، رفع البنك المركزي الكويتي سعر الخصم بوتيرة تراكمية بلغت 200 نقطة أساس (+250 نقطة أساس حتى تاريخه)، مقابل رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة بمقدار 425 نقطة أساس في عام 2022 (+450 نقطة أساس حتى تاريخه).
ومن المتوقع أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في النصف الأول من عام 2023، ما يشير إلى إمكانية رفع البنك المركزي الكويتي لسعر الخصم أيضا. وقد تشير الارتفاعات الأخيرة إلى أن تحركات بنك الكويت المركزي قد تكون متقاربة مع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أكثر مما كان عليه في عام 2022.
سعر النفط الكويتي يواصل المكاسب للعام الثاني
أشار تقرير الوطني إلى أن سعر خام التصدير الكويتي أنهى تداولات 2022 عند مستوى 82 دولارا للبرميل، متراجعا بنسبة 14.6% على أساس ربع سنوي، إلا أنه ارتفع بنسبة 3.5% على أساس سنوي بنهاية العام، ليسجل بذلك مكاسب للعام الثاني على التوالي بعد النمو الذي شهده بنسبة 56% في عام 2021.
وأضاف أن سعر خام التصدير الكويتي وصل إلى 101 دولار للبرميل في 2022، أي أعلى قليلا من أسعار الخامات المرجعية (خامي برنت وغرب تكساس الوسيط)، وفي إطار استجابتها لضعف أوضاع الاقتصاد الكلي، أعلنت أوپيك وحلفاؤها في أكتوبر عن خفض الإنتاج على مستوى دول المجموعة بمقدار 2 مليون برميل يوميا من نوفمبر 2022 حتى نهاية 2023.
وانعكست تخفيضات الإنتاج على الكويت، التي انخفضت حصة إنتاجها بمقدار 135 ألف برميل يوميا مقارنة بالمستوى المرجعي لشهر أغسطس، ليصل إلى 2.68 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن يبقى الإنتاج عند هذا المستوى طوال عام 2023 ما لم يدفع تشديد أوضاع السوق المجموعة لزيادة الإنتاج.
جريدة الجريدة