«البتروكيماويات» الخليجي في منافسة شرسة مع نظيره الأميركي

خبراء لـ الجريدة.: اهتمام دول المنطقة بهذه الصناعة ينمي الصادرات غير النفطية ويقلل الواردات

أكد خبراء متخصصون أن متوسط أسعار البتروكيماويات انخفض نحو 18٪ خلال الربع الثاني من العام الحالي، لافتين إلى أن هذا القطاع تلقى ضربة شديدة بسبب فيروس كورونا. وأضاف هؤلاء الخبراء، لـ «الجريدة»، أن صناعة البتروكيماويات تشكل أهمية كبيرة في الخليج العربي، إذ تمثل عنصرا حيويا لاقتصاد دوله بعيدا عن النفط، مؤكدين أن تلك الصناعة ستوفر مواد عالية القيمة لصناعات أخرى، وقاعدة لإنتاج مواد كيميائية تخصصية. وأشاروا الى أن تلك الصناعة من شأنها مستقبلاً العمل على توفير فرص وظيفية لمواطني دول مجلس التعاون، وفي النهاية تحقيق نمو بالصادرات غير النفطية مما سيجعلها دولاً صناعية لا تعتمد على الواردات. وأوضحوا أن انخفاض سعر الغاز الأميركي والغازات السائلة والنمو الكبير في قطاع البتروكيماويات الأميركي من شأنهما منافسة البتروكيماويات الخليجية، مؤكدين أن أي ارتفاع في أسعار النفط يعني أن صناعة البتروكيماويات الأميركية ستكون أكبر المستفيدين، لأنها تستطيع التوسع بشكل كبير بسبب وفرة الغاز وانخفاض قيمته... وفيما يلي التفاصيل:

قال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني إن مستقبل قطاع البتروكيماويات سيكون المحرك الأساسي لنمو الطلب على النفط في المستقبل، وكمعوض قوي لانخفاض لاحق في الطلب على وقود النقل سيمثل هذا القطاع الجزء الأسرع نمواً من برميل النفط.

وأضاف بهباني أن سوق البتروكيماويات شهد عام 2019 تحولين رقميين، أولهما تحول تكنولوجيا النفط الخام إلى المواد الكيميائية (COTC)، وسيكون «الجيل الأول» تحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية في مجمع تكرير وبتروكيماويات متكامل جدا من 15-20 في المئة، وشهد عام 2019 «الجيل الثاني» في الصين مع القدرة على تحويل حوالي 40 في المئة من النفط الخام القادم إلى منتجات بتروكيماوية صادرة.

وأوضح أن التحول الثاني هو تكنولوجيا زيادة كفاءة إعادة تدوير البلاستيك الميكانيكية، حيث شهد عام 2019 تركيزًا كبيرًا على تطبيق أوسع لإعادة تدوير المواد الكيميائية.

توجه عالمي

وذكر انه تم تطوير العديد من المصانع التجريبية الأصغر في أوروبا، لافتا الى إمكانية الاستنتاج من تلك القفزة ان هناك توجها عالميا لصناعة البتروكيماويات، ومن الضروري اهتمام «صناعة البتروكيماويات» الكويتية بإعادة تنظيم مراحل المشاريع وترتيب أولوياتها، واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين الإنتاجية واغتنام الفرص لإعادة التفاوض على أسعار العقود، مع الحفاظ في الوقت نفسه على حماية حقوق ومزايا العاملين لديها.

عنصر حيوي

من جانبه، قال الخبير النفطي الاماراتي د. علي العامري إن صناعة البتروكيماويات تشكل أهمية كبيرة في الخليج العربي، وتمثل عنصراً حيوياً غير نفطي لاقتصاد هذه الدول، موضحا أنها تساهم في توفير هذه مواد عالية القيمة لصناعات اخرى، وقاعدة لتصنيع المنتجات اللازمة لانتاج مواد كيميائية تخصصية ومشتقات نفطية اخرى.

ولفت العامري إلى أن هذه الصناعة ستعمل كذلك على خلق فرص وظيفية لمواطني دول مجلس التعاون، مؤكدا أن ذلك يصب في نهاية الأمر نحو تحقيق النمو في الصادرات غير النفطية، مما يجعل هذه الدول قوة صناعية لا تعتمد على الواردات في هذا المجال مستقبلا.

 

وأشار الى ان هذه الصناعة واجهت بعض التحديات مثل ارتفاع أسعار اللقيم المحلية، وزيادة المنافسة العالمية، خاصة من الولايات المتحدة، ووفرة النفط الصخري، اضافة الى أزمة كورونا، موضحا ان هذه التحديات أدت الى هبوط الأسعار العالمية للبتروكيماويات، في وقت أعرب عن اعتقاده أن هذه فترة مؤقتة وبعدها سوف ترتفع الأسعار والارباح في النصف الأول من العام المقبل.

طريق المنافسة

وقال ان هناك عوامل مهمة تستدعي الثقة بهذه الصناعة ومستقبلها وقطع الطريق على المنافسة، تتمثل في «قرب منطقتنا الخليجية من آسيا، وأن دول الخليج هي المورد الرئيس إلى الصين»، لافتا إلى ان شركات البترول والغاز في دول الخليج تأخرت الى حد كبير في هذا المجال، مقارنة بنظيراتها العالمية، ولذلك بات من الضروري بناء القدرات التقنية وضخ مزيد من الاستثمار في الأبحاث، وتشجيع الابتكار في تلك الصناعات.

ودعا إلى تشجيع عملية الدمج بين الشركات العاملة في هذا الاطار بطريقة أفضل، والتكامل فيما بينها بدلاً من المنافسة، إلى جانب خفض التكاليف.

الغاز الأميركي

أما الخبير النفطي د. أنس الحجي فقال إنه بسبب وفرة ورخص الغاز الأميركي والغازات السائلة يُتوقع حدوث نمو كبير في قطاع البتروكيماويات الأميركي، الذي سينافس البتروكيماويات الخليجية.

وأضاف الحجي أن أي ارتفاع في أسعار النفط سيعني أن صناعة البتروكيماويات الأميركية ستكون أكثر المستفيدين لأنها تستطيع التوسع بشكل كبير بسبب وفرة الغاز ورخصه، لافتا الى ان دول الخليج لا تستطيع المنافسة بسبب عدم توافر الغاز، في الوقت الذي ستعاني صناعة البتروكيماويات الأوروبية والآسيوية بسبب ارتفاع أسعار النافثا (اللقيم النفطي البديل للغاز) والإيثان.

وأشار إلى أن تنويع مصادر الدخل والتركيز على البتروكيماويات والصناعات كثيفة الطاقة مازالا مهددين من قطاع الغاز الأميركي؛ وبناء على ذلك، فإنه من الضروري العمل على تنويع مصادر الدخل في دول الخليج، وهو ما قد يتطلب دخول شركات هذه الدول، خاصة البتروكيماويات، السوق الأميركي، لا سيما سوق الغاز الصخري، أو عدم الهروب من النفط والتركيز على توطين صناعة الطاقة.

جريدة الجريدة