«أوبر» محاصر في بيروت
تبدو عادات استخدام سيارات التاكسي في بيروت مدهشة إذا كنت من الغرباء، فالسائق يعلن عن وصوله من خلال الاستخدام المتكرر لـ «الهرن»، وإن ترددت للحظات طويلة كما يفعل المبتدئون سينطلق مسرعاً ويتركك تتنفس عوادم السيارة. وتقول مجلة «ذا إيكونوميست» انه تحت هذا التصرف الفاظ، تكمن مجموعة غنية من القواعد والأعراف التي ساعدت سيارات الأجرة المشتركة، والمعروفة باسم سيارات الأجرة «الخدمة» أو «السرفيس»، على النجاة من توغل «أوبر» في العاصمة اللبنانية. ويعتمد نظام سيارات الأجرة في لبنان على التفاوض بين الأشخاص في ثوان معدودة بدلاً من احتساب الأجرة وفق العداد أو القوانين أو تطبيقات المواصلات. وعندما يقع نظر السائق على زبون محتمل يبطئ حتى يقول الزبون عن وجهته، وإذا وافق، تبلغ تكلفة الرحلة في المتوسط نحو 2000 ليرة لبنانية أي 1.3 دولار، وهي أرخص من تكلفة «أوبر». وقد يطلب أيضاً ضعف التكلفة إذا كانت الرحلة إلى أطراف المدينة، مقترحاً أن يتحمل الراكب كل تكلفة المقاعد الخالية بقيمة 10 آلاف ليرة. ويسمح النظام لسائقي الأجرة والركاب التوصل إلى اتفاقية بناء على عوامل مثل ازدحام حركة السير، وإذا كان مسار الرحلة يوفر المزيد من الركاب. ويقول زياد ناكات من البنك الدولي: «لديك اقتصادات للسوق حقيقية وواضحة، ليست منظمة أو مقيدة - وهي مجرد العرض والطلب، بناءً على ما ترغب في بيعه وعلى ما أرغب في شرائه». ويبدو أن الطرفين سعداء بهذا النظام على الرغم من أنه يجعل الازدحام المروري في بيروت أكثر ازدحاماً، حيث يبطئ سائقو الأجرة من سيرهم للمساومة مع الزبائن. ويتجنب العديد من سائقي التاكسي العمل مع «أوبر»، خوفا من أن يتركهم التطبيق على طرق كثيفة المرور أو معاقبتهم على رفض العديد من الرحلات. ويعمل آخرون مع التطبيق، ولكنهم يعملون كسيارة تاكسي عندما يعتقدون أن معرفتهم المحلية ستمنحهم ميزة على خوارزميات أوبر. (تحتوي سيارات أوبر وسيارات الأجرة على نفس لوحات الترخيص الحمراء). ويوقف محمد الذي يعمل سائقا لأوبر تشغيل التطبيق يوم الأحد، عندما يستطيع كسب الضعف تقريباً من بعض الطرق ذات الطلب المرتفع. ويقول: «هذا يعتمد على ما إذا كان هذا جيدا بالنسبة لي». وجاء اعتماد سكان بيروت على سيارات خدمة التاكسي بعد أن دمرت الحرب التي دامت لـ15 عاما وانتهت في عام 1990 الترام والسكك الحديدية. وتطبق القوانين بشكل بسيط على سيارات الأجرة، ولكن لأنها تعتمد بشكل أساسي على المعايير الجماعية، استمرت حتى عندما أعاقت السياسة المختلة في البلاد إعادة استخدام وسائل النقل العام. وفي مدينة مقسومة طائفياً وطبقياً، فإنها تؤدي أيضا إلى مواقف غير متوقعة. ويشعر رئيس نقابة سائقي سيارات الأجرة المحلية مروان فياض بالأسف من أن التنظيم القانوني الضعيف قد سمح بانتشار لوحات الرخصة المزورة والسائقين غير المرخصين، مما يجعل من الصعب على سائقي التاكسي المرخصين تغطية نفقاتهم. ومع ذلك، يجب أن تظل هناك فوضى صغيرة - من نواح كثيرة، فإن الافتقار إلى التنظيم هو نقطة الجاذبية لسيارات الأجرة. ويقول أحد السائقين الذين يرفض استخدام أوبر: «كسائق تاكسي، أنت حر، لا يوجد مدير لك، أنت المدير».
جريدة القبس