تقلّل الحاجة للبنوك الرقمية المستقلة

بنك الكويت المركزي يواكب المتغيرات ويراعي تنافسية القطاع وحماية سمعته وريادته إقليمياً

تسارع التطور التقني المذهل حول العالم، وبروز العملات الرقمية بأشكال مختلفة، وتحديات المعاملات العالمية الرقمية؛ رفعت سقف الأعباء على البنوك المركزية عموما، فلم يعد دورها مقابلة المصارف رقابيا أو ومراقبة سعر الصرف، وغيرها من العمليات الاعتيادية التقليدية المتعارف عليها من ترخيص خدمات واعتماد ميزانيات وتجنيب مخصصات.

وتحمل المرحلة المقبلة تحديات مختلفة، أطلت برأسها مبكرا من سوق السعودية، حيث كشف مؤخرا انه استكمل إجراءات دراسة طلبي الترخيص لبنكين رقميين لمزاولة الأعمال المصرفية في المملكة، في خطوة من شأنها تعميق القطاع المالي والمصرفي وآليات وأساليب الدفع.

وقالت مصادر مصرفية إن القطاع المصرفي يراقب عن كثب ذلك التحدي، والأمر نفسه بالنسبة للبنك المركزي الكويتي السباق في مواكبة التحديات واتخاذ الإجراءات الاستباقية أو مواكبة التطورات.

أمان ومرونة

لكن بمقارنة بسيطة، قالت مصادر مصرفية، لـ "الجريدة"، إن البنوك الكويتية سبق منذ سنوات أن حققت قفزات في التحول الرقمي ورقمنة كل الخدمات المصرفية بأعلى درجات الأمان والمرونة والسهولة، وغالبيتها يمكن استخدامها بشكل مجاني.

وأضافت أن البنوك الكويتية أيضا يمكن توصيفها حاليا بأنها بنوك رقمية، قبل أن تكون بنوكا بالمفهوم التقليدي السابق، فما كان غير معتاد في السابق او غير مألوف، وكان يتطلب حضور العميل او الانتظار لأيام بات لا يستغرق ثواني معدودة، وعلى سبيل المثال ما يتعلق بإصدار البطاقة المصرفية والتي يمكن للعميل إصدارها عبر التطبيق واستلامها فوريا، وكذلك مرونة عمليات السحب والتحويل بمختلف الوسائل غير البطاقة المصرفية وغيرها من مئات الخدمات المالية والمصرفية، والأكثر من ذلك كسر مفهوم البنك التقليدي المحدود بالمكان والزمان، حيث بات البنك بمختلف خدماته في "مخباة" العميل على مدار 24 ساعة.

الاستثمار التكنولوجي

وعمليا باتت الخدمات الرقمية في البنوك تتفوق على الخدمات التقليدية وتتنافس البنوك المحلية حاليا في الاستثمار التكنولوجي، ويتسابق الجميع على احتلال منطقة الصدارة والريادة لدى العملاء تحت العنوان الأبرز، الذي يحاكي تطلعات المستقبل، وهو "البنك الأكثر ابداعا وابتكارا".

وقلما تعلن البنوك حاليا عن خدمة تقليدية، بل انتقلت المنافسة الى ميدان التكنولوجيا منذ عقد تقريبا او اكثر، بالنسبة للبنوك التي استشرفت مستقبل التحول الرقمي مبكراً.

فروق ومقارنات

وقد سردت المصادر النقاط التالية:

1- السوق الكويتي مقارنة بالسوق السعودي وحجم الاقتصاد يبقى سوقا محدوداً وليس بحاجة لمزيد من البنوك، لا بمفهومها التقليدي او اضافة بنوك رقمية جديدة.

2- ثمة فجوة هائلة لمصلحة السوق السعودي في تعداد السكان، وهي ببساطة يمكن ان تضمن نجاح تجربة البنوك الرقمية، فضلا عن انها كتعداد سكاني ايضا تبرّر التوسع في مثل هذه النوعية من البنوك لتخصصها في الخدمات التي ترفع العبء عن الأخرى.

3- البنوك القائمة حاليا يمكن تصنيفها بما لديها من خدمات تقنية ورقمية متطورة بأنها بنوك رقمية بالدرجة الأولى.

4- ليس بالأمر اليسير أن يمنح البنك المركزي حاليا ترخيصا لبنك رقمي من دون اجراءات تسبق ذلك، ومن اهم هذه الإجراءات دراسة السوق اولا ومدى الحاجة لذلك، ودراسة جدوى اصدار مثل هذه التراخيص، وخلفية الجهات التي ستطلب الترخيص، فضلا عن ان ترخيصا من هذا النوع لن يذهب خارج القطاع لعدة أسباب جوهرية، أهمها سمعة القطاع المصرفي التي تحظى بأهمية قصوى بالنسبة للجهات الرقابية.

5- السوق حاليا في حالة تشبع، وفتح مؤخرا البنك المركزي تراخيص الدفع الإلكتروني وتوسّع في تنظيم وتقنين الكثير من الأعمال المالية الإلكترونية المكملة والمحفزة، والتي تسهل من ممارسة الأعمال صغيرة وكبيرة.

6- البنك المركزي الكويتي من الجهات الفاعلة والمتأهبة، والتي تواكب كافة المتغيرات وبأسبقية، وعندما يرى في تراخيص البنوك الرقمية مصلحة للاقتصاد الكويتي وتنافسية القطاع سيطرح الملف بشفافية.

7- الخدمات الرقمية التي تقدمها البنوك الكويتية حاليا تضاهي وتتفوق في بعضها على خدمات رقمية مصرفية في اسواق عالمية، والأكثر من ذلك أنه إمعانا في الثقة والتنافسية الرقمية تعلن بنوك رائدة في الخدمات الرقمية انها تضمن للعميل الحماية التامة لأمواله ضد أي خسائر أو احتيال إلكتروني.

8- تمنح البنوك حاليا ميزات التحكم المطلق للعميل بكافة حساباته 24 ساعة، مع مراقبتها بشكل مزدوج من داخل وخارج الكويت، وأوجدت مفهوما جديدا للأعمال المصرفية من فتح حسابات واصدار بطاقات وفتح وديعة، وكذلك امكانية الاستفادة من الخدمات عبر ساعة أبل، والتي تتيح الاطلاع على جميع تفاصيل وعمليات الحسابات والاطلاع على تفاصيل المرابحات واستلام الإشعارات الفورية.

9- وفق تأكيدات المصادر يضع البنك المركزي الكويتي في الحسبان تلك التحديات وليس ببعيد عنها، حيث يتابع ويراقب ويقيم التجربة ويضع سيناريوهات مختلفة واساسيات ومعايير واستحقاقات، يتسلح بها عند اللزوم.

10- تؤكد المصادر أن نجاح اي تراخيص من هذا النوع لن تكون بعيدة عن البنوك المصرفية، التي تملك الخبرة والتاريخ والإمكانات، فلن يكون مقبولا بمرونة لدى العملاء ايداع اموال او فتح حسابات مقابلها اموال للاستخدام الرقمي لأي جهة كانت من خارج القطاع.

11- ببساطة وبتقييمات بيوت استشارية عالمية تستعين بها البنوك في حال فصل اي بنك مجموعة الخدمات الرقمية التي لديه حاليا تحت مظلة مستقلة فهي تعادل بنكا رقميا او يفوق.

جريدة الجريدة