الميزانية الجديدة تحوي بنوداً مشجعة وتستحق الدعم

• تشمل خفض النفقات وارتفاع تقديرات الإيرادات غير النفطية وجهد الإدارة
• مع مؤشرات الإصلاح يمكن التسامح مع قانون دين عام أو سحب من «الأجيال»

ذكر «الشال» أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه يعني حتمية استمرار تدهور تصنيف الكويت الائتماني، والخلاف هو حول التوقيت لا النتيجة، ومع مرور الوقت، سوف تتآكل القدرة على إيجاد حلول ناجعة لعلاج أوضاعها المالية، ما يعني انتقالها إلى وضع اقتصادي مهدد لاستقرارها.

قال تقرير شركة الشال للاستشارات الاقتصادية إن وزارة المالية أعلنت مشروع الموازنة العامة 2022-2023، وملخص المشروع ارتفاع جملة الإيرادات بنحو 72.2 في المئة، وانخفاض إجمالي النفقات العامة بنحو 4.8 في المئة، وعليه انخفاض العجز المقدر بنحو 74.2 في المئة، وكل ذلك مقارنة بأرقام موازنة السنة المالية الحالية 2021-2022.

والغوص في التفاصيل المنشورة يجعلنا نخلص إلى أن هناك ثلاثة أمور مشجعة وتستحق الدعم، وهناك خلاصات جاءت تحصيل حاصل لحركة متغيرات خارجة عن قدرتنا على التأثير فيها، ولابد من أخذها في الاعتبار بأي مشروع إصلاح.

الأمور المشجعة، هي خفض تقديرات النفقات العامة بنحو 1.109 مليار دينار، وارتفاع تقديرات الإيرادات غير النفطية بنحو 15.3 في المئة، والاثنان يمكن اعتبارهما مؤشر مصداقية على نوايا الإصلاح المالي والاقتصادي المرتبطين بمبدأ الاستدامة، وهي نوايا معلنة لوزير المالية الجديد، وهو الأمر المشجع الثالث، وخفض تقديرات النفقات العامة، وزيادة تقديرات الإيرادات غير النفطية، هما جهد الإدارة بصناعة الفارق في خفض رقم العجز بين السنتين الماليتين، لأنهما يمثلان قرار إرادتنا في الإصلاح المالي، أو دور السياسة المالية المحلية في خفض رقم العجز بين السنتين بنحو 1.385 مليار، وبدونها كان يمكن للعجز أن يبلغ نحو 4.5 مليارات بدلا من 3.1 مليارات.

بقية الانخفاض في العجز الافتراضي، البالغ نحو 7.6 مليارات دينار، مصدره عاملان، الأول زيادة السعر الافتراضي لبرميل النفط في الموازنة من 45 دولارا للموازنة الحالية إلى 65 دولارا في مشروع الموازنة القادمة، والثاني تقدير ارتفاع حصة الكويت في إنتاج النفط من 2.425 إلى 2.730 مليون برميل يوميا، أي بارتفاع بنحو 305 آلاف برميل، إضافة إلى ارتفاع في إيرادات الغاز بنحو 98 مليون دينار، ربما لارتفاع أسعاره أيضا.

وأسعار النفط والغاز وحجم إنتاجهما متغيرات خارج نطاق قدرة راسمي السياسة المالية المحلية على التحكم، لذلك لابد من النظر بإيجابية إلى مؤشرات توحي بالتحرك باتجاه التأثير في متغيرات بقرار إرادي، ولابد من اعتبار طغيان متغيرات خارج قدرتنا على التأثير أمرا سلبيا يحتم استمرار القرارات الإصلاحية.

وبالتزامن مع مؤشرات إصلاح أخرى، لابد أن تأتي تباعا، يمكن التسامح مع قانون دين عام مقيد بسقف بأقل من نصف المبلغ القديم المقترح والبالغ 20 مليار دينار، ومشروط بتعريف مسبق بمناحي التصرف في حصيلته، ويمكن التسامح مع سحب منظم من احتياطي الأجيال القادمة بمنزلة إجراء بديل بنفس شروط الدين العام، مع نص قانوني قاطع يمنع المساس بأصل الاحتياطي تحت أي ظرف من الظروف، في الختام، لن نتردد في دعم أي جهد إصلاحي، فالمخاطر على استقرار الوطن باتت غير محتملة، وقد سبق أن فعلنا ذلك، وخذلنا الواقع، ونأمل ألا يخذلنا هذه المرة.

جريدة الجريدة