5 تريليونات دولار خسائر أسواق الأسهم العالمية منذ بداية العام الجاري

7 تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي نتيجة غزو روسيا لأوكرانيا

المحلل المالي
تعد روسيا من الدول الأساسية المصدرة لسلع استراتيجية مثل الطاقة والحبوب والبالاديوم والحديد والالمنيوم والنيكل والغاز والاسمدة الزراعية، وذلك على الرغم من حجم اقتصادها الصغير نسبيا، أما أوكرانيا فهي من الدول المصدرة للبقوليات وكميات كبيرة من غاز النيون المستخدم في صناعة أشباه الموصلات والتي لاتزال تعاني من اثر جائحة كورونا.
ونتيجة دورها الأساسي في الاقتصاد العالمي، فإن العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا تتسبب في ارتفاع مخاطر التضخم وخاصة في أوروبا، حيث اعتمادها على الغاز الروسي بشكل أساسي في حين يعاني السوق من النقص في العرض والامدادات، اما الولايات المتحدة الأميركية فهي في وضع افضل لمواجهة التحديات الاقتصادية وأزمة الطاقة بالرغم من عدم قدرتها على مساعدة دول العالم للتعويض عن النقص في مخزون الطاقة نتيجة العقوبات على روسيا حيث من المتوقع ان تنتج أميركا 12.3 مليون برميل يوميا في عام 2022 و12.9 مليون برميل يوميا في 2023.
و التداعيات الرئيسية للنزاع المسلح هي كالتالي:
1- تذبذب أسواق الأسهم العالمية وارتفاع درجة الهلع والتخوف من امتداد الحرب الى دول أوروبية أخرى وتسجيل أسواق الأسهم العالمية خسائر قياسية في فترة قصيرة، حيث خسرت 5 تريلوينات دولار منذ اندلاع الحرب في 24 فبراير 2022 مما عمق من خسائرها عن أعلى مستوى سجلته في شهر نوفمبر الماضي عند 122.5 تريليون دولار الى نحو 10 تريليونات دولار عند مستواها الحالي 112.5 تريليون دولار.
2- ارتفاع ملحوظ في أسعار الغاز والطاقة والنفط بسبب العقوبات المالية والاقتصادية والتجارية على روسيا وتضرر سلاسل الامداد والتوريد والتخوف من حظر النفط الروسي الذي قد يرفع الأسعار الى مستويات قياسية تاريخية وبالتالي المساهمة في رفع نسبة التضخم وأسعار السلع والخدمات والمنتجات الزراعية عالميا على المستهلك وكلفة النقل والشحن حيث التضخم وصل حاليا الى اعلى مستوياته تاريخيا مما يصعب مهمة البنوك المركزية العالمية في كبح جماح التضخم الناتج عن ارتفاع التكلفة cost-driven inflation وليس نتيجة ارتفاع الطلب على السلع والمنتجات وذلك عن طريق رفع أسعار الفائدة والسياسات النقدية الانكماشية وسحب السيولة من السوق وبالتالي التأثير السلبي على أداء أسواق الأسهم العالمية. فعلى سبيل المثال بلغ حجم الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي نحو 8.7 تريليونات يورو وهي ارقام قياسية نتيجة الاستمرار في برنامج شراء السندات لتحفيز السيولة وبالرغم من تسجيل التضخم في منطقة اليورو مستويات قياسية تاريخية.
3- بعد عامين من جائحة كورونا جاءت حرب روسيا على أوكرانيا وفرضت واقعا جديدا وصعبا على دول العالم والاقتصاد العالمي وأسواق المال ويمكن لو طال هذا النزاع المسلح الخطير ان يتسبب في انكماش في الاقتصاد العالمي الذي لايزال يعاني من تداعيات جائحة كورونا وبدأ مسار النمو والتعافي البطيء في عام 2021، فحجم الاقتصاد الروسي (1.5 تريليون دولار) صغير مقارنة بحجم الاقتصاد العالمي (85 تريليون دولار) لكن تشكل صادرات روسيا نسبة مهمة من السلع الأساسية للصناعة والزراعة عالميا، منها الغاز والنفط والنيكل والالمنيوم، فالحرب تسببت في مخاطر حقيقية على نمو الاقتصاد العالمي وعلى نسبة التضخم.
4- ارتفاع متزايد في أسعار الفائدة في دول العالم (العلاقة العكسية بين أسعار الفائدة وأسعار الأسهم) لكبح التضخم الذي وصل الى مستويات قياسية تاريخية في أميركا عند 7.9% وبريطانيا 5.5% ومنطقة اليورو 5.9% و4.3% في الكويت ومن المتوقع ان يستمر التضخم نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية والنفط والغاز والطاقة والمنتجات الزراعية والبقوليات بسبب الحرب في أوكرانيا وتضرر سلاسل الإمداد والعقوبات الاقتصادية على روسيا المصدر الأول للنفط والغاز والحديد والالمنيوم والقمح والذرة.
5- مخاطر جيوسياسية كارثية وتوسع الحرب الروسية - الأوكرانية وما لها من تداعيات على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
6- الخسائر التي لحقت بأسواق الأسهم العالمية منذ بداية السنة الحالية تخطت الـ 5 تريليونات دولار ونتيجة مخاوف المستثمرين من تداعيات الحرب في أوكرانيا على النمو الاقتصادي وعلى الشركات وكذلك العقوبات الاقتصادية والمالية القاسية على روسيا.
7- دخل الاقتصاد العالمي وأسواق المال في مرحلة جديدة فريدة من نوعها ومختلفة عن فترة ما قبل الجائحة 2016-2019 التي تميزت بتباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع تدريجي في أسعار الفائدة في أميركا الى 2.5% وفترة الجائحة 2020-2021 حيث الانكماش الاقتصادي وأسعار فائدة متدنية قريبة من الصفر وسياسات التيسير الكمي التي رفعت السيولة النقدية في الأسواق الى مستويات قياسية وسرعت في التضخم.
فالمرحلة الحالية ستتميز بمسار نمو اقتصادي متوسط وتوترات جيوسياسية عالمية وثورة كبيرة في عالم الاختراعات والتكنولوجيا المتقدمة، فالبنوك المركزية حول العالم ستبدأ سياسة نقدية انكماشية ورفع أسعار الفائدة بينما يستمر التضخم مرتفعا نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية والنقص في السلع وارتفاع أجرة اليد العاملة، هذه العوامل سوف تستمر في الضغط على الأسواق المالية وإبقاء نسب التذبذب متوسطة.

جريدة الأنباء