رفض «أوبك +» زيادة الإنتاج وازنَ أسعار النفط

نفطيون لـ «الجريدة•» : مطالبات بتثبيت الوضع الحالي وعمل دراسات لرفع سعر البرميل تدريجياً

أكد خبراء نفطيون تماسك مستوى أسعار الخام الحالية الى نهاية عام 2021 واستقرارها حول 70 دولارا للبرميل.

وقال الخبراء، في تحقيق أجرته «الجريدة»، إن دور منظمة أوبك وتحالفاتها من دول «أوبك +» ساهم في السنوات الأخيرة في ضبط كميات المعروض من النفط الذي تنتجه الدول الأعضاء بشكل أدّى الى استقرار الأسواق الى حد كبير، مؤكدين في هذا الإطار الدور المحوري الذي لعبته دول «أوبك» وحلفائها من دول «أوبك +» في حماية أسعار النفط، خاصة أن هذا التحالف النفطي تبلغ حصته الإنتاجية نحو 45 بالمئة من إنتاج النفط الخام في العالم، وتساهم بما يتجاوز 60 بالمئة من صادرات النفط العالمية عبر الحدود.

وشددوا على ضرورة اتّباع سياسة لجدولة إنتاج النفط من شأنها دعم أسعار النفط، لأن تلك السياسة تدعم استراتيجية التحكم في ضخّ كميات النفط التي تتناسب ومتطلبات الأسواق، حيث لا يؤدي الإفراط في الإنتاج الى فوائض مفاجئة في المخزونات العالمية من الخام، الأمر الذي قد يؤدي في نهاية الأمر الى تراجعات حادة بالأسعار، لافتين الى ضرورة مراجعة الأسواق بشكل دوري وسياسة التحكم في الإنتاج، وفقا لأوضاع الأسواق النفطية والحالة الاقتصادية في العالم.

وقالوا إن رفع العقوبات عن إيران وعودتها الى الإنتاج بشكل طبيعي وكذلك عودة إنتاج ليبيا إلى الأسواق لن تؤثر بشكل كبير على أسعار النفط، لأن الزيادة السنوية في الطلب العالمي على النفط تستطيع استيعاب حصص هاتين الدولتين. وفيما يلي التفاصيل:

بداية توقع الخبير النفطي، د. خالد بودي، أن تتماسك أسعار النفط وتستقر حول 70 دولارا للبرميل حتى نهاية العام الحالي، خاصة إذا حافظت منظمة أوبك على تزويد الأسواق بكميات من الخام تتوافق مع حجم الطلب في إطار الحد قدر الإمكان من تراكم الفوائض والمخزونات العالمية في الأسواق والمحافظة على عدم الضغط على الأسعار، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية الى تراجعها.

وقال إن رفع العقوبات عن إيران وعودتها الى الإنتاج بشكل طبيعي وكذلك عودة إنتاج ليبيا إلى الأسواق لن يؤثر بشكل كبير على أسعار النفط، لأن الزيادة السنوية في الطلب العالمي على النفط تستطيع استيعاب حصص هاتين الدولتين.

دور محوري

وأضاف: حرصت منظمة أوبك في السنوات الأخيرة على ضبط كميات المعروض من النفط الذي تنتجه الدول الأعضاء وحلفاء المنظمة بشكل أدى الى استقرار الأسواق الى حد كبير، مؤكدا في هذا الإطار الدور المحوري الذي لعبته دول منظمة أوبك وحلفاؤها من دول "أوبك بلس" في حماية أسعار النفط، خاصة أن هذا التحالف النفطي تبلغ حصته الإنتاجية نحو 45 بالمئة من إنتاج النفط الخام في العالم، وتساهم بما يتجاوز 60 بالمئة من صادرات النفط العالمية عبر الحدود.

ولفت الى أن بداية انحسار فيروس كورونا سيكون له تأثير إيجابي على الإقتصاد العالمي وانتعاش الاقتصاد الذي سيعمل على ارتفاع الطلب على الخام، وبالتالي تتحسّن الأسعار، وهذا ما نشهده حاليا.

وأكد بودي أن جدولة إنتاج النفط سياسة تدعم المحافظة على أسعار النفط، حيث يتم التحكم في ضخ كميات النفط التي تتناسب ومتطلبات الأسواق حتى لا يؤدي الإنتاج من دون حسابات الى فوائض مفاجئة في أسواق النفط تؤدي الى تراجع قد يكون حادا في الأسعار، لافتا الى ضرورة مراجعة الأسواق بشكل دوري وسياسة التحكم في الإنتاج، وفقا لأوضاع الأسواق النفطية والحالة الاقتصادية في العالم.

زيادة الطلب

من جانبه، قال الخبير النفطي يوسف القبندي إن هناك دلائل على ظهور بوادر لتعافي علامات بعض الاقتصادات العالمية الكبرى مثل الصين والولايات الأميركية، فضلا عن انفتاح بعض الدول الصناعية تدريجيا بعد الوصول الى نسب عالية من التطعيم، مثل بريطانيا وكذلك مع اقتراب الموسم الصيفي، فإن التوقعات تشير الى زيادة الطلب على الطاقة، الأمر الذي يعني توقّع استمرار ارتفاع الأسعار خلال النصف الثاني للعام الحالي، وخاصة الربع الأخير من هذا العام.

الأسواق الفورية

وأضاف: على المدى القصير، فإن عودة إيران للإنتاج سيكون أثرها على الاسعار والأسواق محدودا، لأن المفاوضات تسير ببطء مع بعض الإخفاقات، ولكن على المدى الطويل من الممكن أن تكون هناك حرب أسعار تؤثر على الأسواق الفورية فقط، وللعلم فإن إيران مازالت تصدر معظم كمياتها الى أسواق الشرق، وخاصة الصين والهند من خلال الوسطاء، ولذلك حتى لو تم الاتفاق، فلن يكون هناك تأثير على الكميات المعروضة والأسعار، وخاصة هذا العام.

وأشار الى أن "أوبك" كانت دائما تلعب دور صمام الامان فى المحافظة علي الاسعار وتنظيم الكميات المنتجة، ويعد هذا واضحا من خلال اتفاق "أوبك" الأخير لتخفيض الكميات داخل "أوبك" وخارجها لوقف نزيف الأسعار، معربا عن رأيه بأن اعتماد معظم اقتصادات دول "أوبك" على النفط كدخل، فإنها ستعمل بجدية للمحافظة على هذه الأسعار، خاصة بعد أن عانت كثيرا بالسنوات الأخيرة، خاصة أن الأسعار المنخفضة قد أثرت بشكل حاسم على مشاريع تلك الدول والتزاماتها التنموية.

وتوقّع ارتفاع الأسعار وتأرجحها ما بين 70 و80 دولارا للبرميل بداية العام المقبل، خاصة بعد بداية التعافي من الفيروس.

التزام زمني

وأعرب القبندي عن اعتقاده بأن "أوبك" ستلتزم بالجداول الزمنية للإنتاج التدريجي، نظرا لظهور بوادر تعافي الدول الصناعية وزيادة الطلب.

زيادة الاستهلاك

من جانبه، توقّع أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت، د. أحمد الكوح، أن تكون هناك زيادة في استهلاك النفط في الفترة المقبلة، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى زيادة في الإنتاج من قبل بعض الدول، لافتا الى أن الأسعار المرتفعة حاليا ستكون مؤقتة يأتي بعدها تذبذب يميل الى الانخفاض على المدى القريب.

وقال إن إيران تصدر النفط رغم العقوبات بطرق أخرى غير قانونية، لافتا الى أن الوصول الى اتفاق حول ملفها النووي سيجعلها منفتحة على الأسواق بشكل اكبر، وكذلك النفط الليبي الذي بدأت الحكومة الليبية في تصديره قد يكون له تأثير على الأسعار، لكن بشكل طفيف مقارنة بحجم إنتاج دول منظمة أوبك.

أفضل حقب المنظمة

وأكد أن وصول الأسعار الى المستوى الحالي مع الظروف الحالية التي يمرّ بها العالم بسبب جائجة كورونا يدلل على وجود إدارة جيدة من قبل المسؤولين في "أوبك" وتحالفاتها من دول "أوبك بلس"، المتمثلة في السعودية وروسيا وكذلك الكويت والإمارات، موضحا أن تلك الحقبة من منظمة أوبك من افضل الحقب، لكونها استطاعت الربط مع الدول المنتجة من خارج المنظمة وبناء تحالف قوي يحافظ على توازن أسواق النفط.

وأضاف أنه مما لا شك فيه أن هناك بوادر تظهر بشكل جليّ لزيادة الطلب على الخام، خاصة مع انحسار الفيروس والإقبال على التطعيم بعد ظهور اللقاحات المختلفة، الأمر الذي سيزيد من حركة التنقل وبدء تسيير شركات الطيران حول العالم.

أزمة الأسعار

وأشار الى أن سياسة "أوبك" واستراتيجيتها حيال أزمة الأسعار كانت واضحة ولم تتجاوب مع أي ضغوط لزيادة الإنتاج حتى يتم تجفيف المخزونات العالمية من النفط والوصول الى الأسعار المرجوة من أجل توازن الأسواق، موضحا أن تلك الاستراتيجية التي اتبعتها "أوبك" كانت بمنزلة رسالة الى العالم ان الأسعار الحالية التي وصل اليها الخام تعد مقبولة.

عوامل عدة

بدوره، قال الخبير النفطي أحمد كرم إن أسعار النفط الحالية واستقرارها على الوضع الحالي جاء نتيجة عدة عوامل أهمها الارتفاع النسبي على الطلب النفطي، وذلك بعد عودة القطاعات الصناعية العالمية بالشكل التدريجي، مع استمرار تزايد أعداد متلقي لقاحات فيروس كورونا.

وأضاف أنه مع هذا الاستمرار في التطعيم وانخفاض معدلات إصابة الفيروس سيزداد الطلب ايضا بشكل ملحوظ، وخاصة مع دخول موسم الصيف الذي يزداد فيه الاحتياج إلى الوقود، خاصة مع عودة الحياة الطبيعية لشركات الطيران ووسائل النقل الأخرى وعودة موسم السفر.

وأشار إلى أنه ربما نرى ثبات أسعار النفط على هذه المعدلات الحالية أو ارتفاع طفيف، لافتا الى أنه إذا ما كانت هناك توترات سياسية مؤثرة بمنطقة الشرق الأوسط، فعندها سيكون هناك ارتفاع كبير في معدلات الأسعار.

بوادر إيجابية

وذكر أنه مع ظهور بوادر إيجابية بشأن حلحلة ملف إيران النووي وتوافر النوايا لحل هذه الملف بين الجانبين الإيراني والأميركي ستكون هناك عودة للإنتاج النفطي الإيراني بشكل طبيعي، وعلى نفس الخطى، فإن عودة الإنتاج الليبي تدريجيا ودخول هذه الكميات للأسواق النفطية سيكون التأثير هنا بالشكل السلبي على أسعار النفط بسبب ارتفاع معدلات الإنتاج والمعروض، موضحا أن ذلك إذا ما حدث فلا بد من تدخّل "أوبك" مجددا لدراسة الأوضاع واتخاذ قرارات تثبيت الإنتاج والحصص لتثبيت أسعار النفط وعدم تراجعها بشكل كبير.

دور متواصل

وتابع كرم أن دور "أوبك" يجب ألا يتوقف عند هذا الحد، وعليها متابعة السوق بشكل حثيث، وأن تعمل على التنسيق بشكل دائم مع الدول المصدرة الأخرى واتخاذ القرارات المسبقة لسيناريوهات الإنتاج، حتى يتم المحافظة على الأسعار الحالية، فضلا عن ضرورة أن تسعى منظمة أوبك لعمل الدراسات التي من شأنها تثبيت أسعار النفط الحالية وارتفاعها بالمستقبل بشكل تدريجي دون التأثير على الحياة الاقتصاديه العالمية.

جريدة الجريدة