الطاقة المتجددة لن تأخذ مكان النفط لكن ستنافسه
خبراء نفطيون أكدوا لـ « الجريدة•» أن العالم يتجه نحوها للمحافظة على البيئة وتقليل التكاليف والتركيز على المشاريع الخضراء
الحياة النفطية ليست ترفاً، فمن الصعب تخيُّلَ الحياة بدون أدوية أو سيارات، والمنتجات النفطية من أساسيات الحياة الحضارية ولا يمكن الاستغناء عنها، فالعالم يعتمد على النفط إلى درجة أن فكرة فقدانه تثير القلق منذ بدايات اكتشافه، وفكرة انتهائه مازالت قائمة، ولكن ما هو جديد نسيباً هو أن الطاقة المتجددة يمكن أن تقضي على بعض المنتجات النفطية، إلا أنه مهما كان العالم متجهاً بسرعات متفاوتة نحو الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على النفط، سيظل النفط من أهم مقومات الاقتصاد.
وإلى جانب أهميته للحياة الاستهلاكية، يعتبر النفط هو المحرك لكل السياسات الدولية، وكثيراً من الحروب قامت بسببه، كالغزو العراقي للكويت 1990، والحرب على العراق في 2003، وحرب العراق وإيران التي استمرت 9 سنوات، والصراع بين أميركا وكوبا. ومع المشاكل الاقتصادية التي سببتها أزمة "كورونا" وعجز الميزانية الذي نعانيه منذ سنة 2016 وحتى الآن، واعتماد اقتصاد الكويت على إيرادات النفط بنسبة أكثر من 90 في المئة، وسير العالم في طريق الطاقة المتجددة للمحافظة على البيئة ولتقليل التكاليف، والتركيز على المشاريع الخضراء، فإن الكويت تعاني سوء الإدارة وضعف المبادرة... فهل سينتهي عصر النفط قريباً؟، حول هذا الموضوع استطلعت "الجريدة" آراء بعض الخبراء، وفيما يلي التفاصيل:
بداية، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إن العالم في المرحلة الحالية يتجه نحو الطاقة المتجددة. والشركات العملاقة وضعت خططا لتخفيض الانبعاثات الملوثة للبيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، وأصدرت المحكمة الهولندية في الأيام الماضية حكما على شركة رويال داتش شل لعدم التزامها، فكان القرار إما أن يقوموا بتخفيض الانبعاثات الحرارية أو يتم الحكم عليهم لاحقاً بقضايا إجرامية، وفي الوقت نفسه تعرضت أكبر شركة نفطية في العالم "إكسون موبيل" لمساءلة مشابهة، حيث تم تغيير أعضاء مجلس الإدارة بسبب ضغط حملة الأسهم لإجبار الشركة على تعيين أعضاء مجلس إدارة مع حماية البيئة، وينادون بعدم تعريض البيئة لخطورة الانبعاثات الغازية.
وأضاف الحرمي أن ما يحصل في السوق هو إجبار شركات النفط العملاقة عن طريق المستهلك (الرأي العام) على تخفيف الانبعاثات الغازية المضرة للبيئة، وإن لم يفعلوا فستتم مقاضاتهم، لذلك تقوم الشركات بالتحول (إجباراً) إلى الطاقة الشمسية، وبسرعة فائقة قبل سنة 2050.
ضرائب على النفط
وأكد "أعتقد أن الحكومات ستفرض الضرائب على شركات النفط، والاستفادة من ايرادات الضرائب لعمل دراسات وأبحاث للطاقة البديلة، بالطبع هذا سيؤثر على شركات النفط العملاقة، وسيخفف من إنتاجها للنفط والغاز في حقولها حول العالم، بعد ذلك ستتجه الشركات إلى الكويت والسعودية للشراء، وسيحصل كما حصل مع شركات النفط العالمية، وسيتم تهديد شركات النفط الكويتية ومنظمة أوبك بالضرائب، إن لم يطوروا المصافي والمصانع بطرق تخفف الانبعاثات الغازية".
ولفت إلى أن "الكويت منذ سنة 1965 تصنع من النفط، وبيع النفط الخام الآن أقل من بيع المشتقات النفطية، والسبب يرجع إلى عدد المصافي التي تملكها الكويت، إذ تملك داخلياً 3، وخارجيا تملك مصفاة في فيتنام، وأخرى في إيطاليا، وستصبح لدينا مصفاة الدقم في عمان".
انتهاء عصر النفط!
من جهتها، قالت المدرسة المساعدة في قسم هندسة البترول بجامعة الكويت دانة الكندري، إنه منذ مئات السنين والعالم يتنبأ بانتهاء النفط، وها هو مازال موجودا، فالنفط لا يزيد، ولكن كميته موجودة، وبسبب تطور التكنولوجيا المستخدمة في استخراجه زادت كميته المستخرجة.
وأضافت الكندري أنه "قبل 20 سنة كانوا يقولون إن عمر النفط 90 عاما فقط، والآن، وبعد مرور هذه المدة (20 سنة)، أقول ان عمر النفط الآن هو 100 سنة، أي بزيادة 30 عاما، بسبب الاستكشافات الجديدية"، موضحة أنه "في السابق كانوا يستخدمون الطرق التقليدية العامودية في استخراج النفط، أما الآن فيستخرج بطرق الآبار الأفقية، بالإضافة إلى التكنولوجيا الجديدة في امتصاصه واستخراجه من باطن الأرض عن طريق ضخ مواد كيميائية تتفاعل، ثم يستخرجونه مع المواد، ويتم فصله عنها".
وأكدت أن التكنولوجيا تساهم في زيادة عمر النفط، لكن في النهاية سينتهي سواء بعد 200 أو 300 سنة، لأنه عبارة عن طاقة مكلفة جدا، وتحتاج إلى الكثير من العوامل لاستخراجها، خاصةً أن العالم متجه إلى الطاقة البديلة، على الرغم من أنها تحتاج إلى النفط لتشغيل المكاين والكهرباء.
وأشارت إلى اكتشاف كميات نفط كبيرة في يناير الماضي في شمال حقل برقان الكبیر في مكامن واره ومودود وبرقان، يصل معدل إنتاجها إلى 2000 برميل يوميا، مؤكدة أن "الاستغناء عن النفط في الكويت صعب جدا، فيمكننا أن نتحول إلى الطاقة المتجددة، ولكن من دون الاسغناء عنه، فالكويت متأخرة بخطوات عن العالم في هذا المجال، وإذا اتجه العالم إلى الطاقة البديلة بالتأكيد سيقل الطلب على النفط، ولكن سيكون هناك طلب من الدول المتأخرة عنا وتحتاج إليه، بالإضافة إلى أن النفط مرتبط بالسياسة بشكل واضح".
وبدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة سليمان القضيبي لإنتاج البلاستيك المسلح بالألياف الزجاجية سعد المنيع، إن "الدخل القومي للكويت يعتمد على النفط بنسبة تتعدى 90 في المئة، ولا بديل لدينا إلا بتنويع مصادر الدخل، ودخول عالم الطاقة المتجددة، ولوضع خطط لها علينا أولا أن نهيئ جيلا كاملا ليستطيع أن يتعامل مع هذا النوع من الطاقة".
وأوضح المنيع أنه "إلى الآن لا يوجد أي بوادر تثبت أن الكويت متجهة للطاقة البديلة، وفي المقابل هناك الكثير من المشتقات النفطية الأساسية لا يمكن أن يكون لها بدائل، كالوقود والأسفلت، إذ لا يمكن أن يتم تصنيعه من مواد غير النفط، بالإضافة إلى وقود الطائرات والغاز والكثير من الصناعات البتروكيماويات التي تندرج تحت النفط، كمشتقات البلاستيك".
وأضاف "بالحديث عن البلاستيك في شركة سليمان القضيبي نقوم بتصنيع منتجات البلاستيك وتحديدا الأنابيب، وتكون على حسب طلب العميل، إذ نقوم بتغليف أنابيب كربون ستيل بالـ 3lpe تستخدم كخطوط تدفق للنفط الخام، وتتكون من 3 طبقات، و99 في المئة من عملنا مع شركة نفط الكويت، ويعتمد سعر المواد على انخفاض وارتفاع سعر النفط".
وقال "رغم أن شركتنا الوحيدة في هذا المجال فإنه لا يوجد الدعم الكافي من المؤسسات الحكومية، إذ إن السوق الكويتي مفتوح للشركات الخارجية (أغلبها من الشركات الصينية)، لتحطيم المنتج الكويتي، علما بأن منتجنا أقل سعراً من أغلب الشركات الصينية".
وأشار المنيع إلى عدم أهلية الكويت للطاقة المتجددة، لأنها دولة نفطية، وأغلب منتجاتنا من مشتقات النفط، والاتجاه نحو هذه الطاقة سيكون بعد نفاد النفط، ويفترض أن يكون لدينا خطة ثانية لاستمرار الحياة في الكويت".
جريدة الجريدة