ارتفاع وتيرة الإنفاق على التعليم يتزامن مع انحدار مستواه
هناك فائض في عمالة محسوبة على هذا القطاع ولا علاقة لها به
ذكر «الشال» أن أزمة التعليم في الكويت تكمن في غياب الوعي لدى الإدارة العامة بأهميته، وليس في شح الإنفاق عليه، فتكلفة تعليم الطالب الكويتي من الأعلى في العالم، بنحو 4693 ديناراً كويتياً لرياض الأطفال، و3280 ديناراً لطالب الابتدائي، و3426 للمرحلة المتوسطة، و3651 الثانوية، أي بمتوسط تكلفة للتعليم العام بنحو 3762 ديناراً.
قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إنه أسوة بالفساد، الذي تضاعفت أجهزة رقابته وساء ترتيب الكويت في مؤشر مدركاته، فقد تزايد في التعليم أيضاً عدد الأجهزة واللجان ودراسات صندوق النقد الدولي واستعارة تجارب دول متقدمة في التعليم مثل سنغافورة، وكلها بتكاليف متزايدة، وهوى مستوى التعليم العام والعالي.
في التفاصيل، يحدث ذلك في الوقت ذاته الذي تقدم فيه الحكومة خطتها الخمسية الثالثة وضمنها إيحاء بأن ما سبقها، أي الخطة الخمسية الأولى والثانية، حققت معظم أهدافها، ولا معنى لأي مشروع تنموي ما لم يرتق بمستوى الإنسان هدف التنمية ووسيلتها، وصناعة الإنسان من جودة تعليمه.
وفي برنامج الحكومة الحالية إقرار مقدر ومشكور بأن التعليم العام في الكويت متخلف بنحو 4.8 سنوات مقارنة بدول تنفق عليه مستويات أقل ومخرجاته هم مدخلات التعليم العالي، وفي الأسبوع الفائت، نشرت QS لتصنيفات الجامعات تقريرها وضمنه هوت جامعة الكويت العامة والوحيدة في تصنيفها إلى ما بعد الألف.
وفي تسعينيات القرن الفائت، ساوت الكويت التعليم بالترويج للسلع الاستهلاكية، "اشترِ علبة والثانية مجاناً"، وأصدرت قراراً مضمونه، "ادرس سنة وانتقل مرحلتين"، وفي نفس الزمن وفقاً لتصريح وزير سابق، رفض مجلس الجامعة قبول أساتذة بشهادات ضعيفة، وتدخل رئيس مجلس الوزراء لتعيينهم بدعوى "أنهم عيالنا".
ومنذ ذلك الحين، انتشرت الشهادات المضروبة، ولن يقتصر الضرر على امتيازات حامليها المالية، إنما أصبح حاملوها في أعلى مراكز سلطة اتخاذ القرار، وتولى بعضهم مهام التدريس، وكانت نتيجته تخلف التعليم العام والعالي وفق المؤشرات المذكورة.
وتكمن أزمة التعليم في الكويت بغياب الوعي لدى الإدارة العامة بأهميته، وليس في شح الإنفاق عليه، فتكلفة التعليم للطالب من الأعلى في العالم، أو نحو 4693 ديناراً لرياض الأطفال، ونحو 3280 لطالب الابتدائي، و3426 لطالب المرحلة المتوسطة، و3651 لطالب المرحلة الثانوية، أي بمتوسط تكلفة للتعليم العام بنحو 3762.
وتبلغ تكلفة الطالب بعد الثانوية في الكويت للسنة المالية 2019/2020 نحو 6850 ديناراً، وهو واقع قسمة مصروفات التعليم العالي على عدد طلابه، بينما بلغت في عام 2017 نحو 10385 ديناراً في الولايات المتحدة، و7405 دنانير في النرويج، و5749 لألمانيا، و3251 في كوريا الجنوبية وفقاً لنشرة المركز الوطني لإحصاءات التعليم (NCES)، والنشرة صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والفارق شاسع لمصلحة تلك الدول في مستوى تعليمها.
والعلاقة العكسية بين ارتفاع مستويات الإنفاق على التعليم وانحدار مستواه تكمن في خطيئة تخصيص الموارد المصروفة على مكوناته، فهناك فائض في عمالة محسوبة على التعليم ولا علاقة لها به، وهناك بذخ وفساد ومعها مصروفات إدارة وصيانة غير ضرورية لمبانيه، ويغيب الربط بين المكافأة، أو راتب المعلم، وتميزه في مصدر ومستوى الشهادة، أو إنجاز الأبحاث المحكمة، أو متابعة التعليم المستمر.
وصناعة الإنسان، وهو أمل ووسيلة وهدف التنمية، تتطلب وعياً والتزاماً وصبراً ووقتاً، وقد تستغرق جيلاً كاملاً لكن، من دون وضع استراتيجية صحيحة والتقيد الصارم بها، أي حديث عن التنمية ليس سوى سراب.
جريدة الجريدة